ضفاف : مشروع حدث


نحو 700 حدث يتوافدون على مركز رعاية الأحداث التابع لشرطة أبوظبي بالمفرق سنوياً 55% منهم مواطنون و45% مقيمون.

 

رقم صادم ونسبة تبعث على الدهشة. هذا هو الانطباع الأول الذي يتولد لدينا، بعد أن نقرأ تصريح مدير المركز، وإن كان يخفف من الصدمة أن نسبة الأحداث الذين يعودون مرة أخرى إلى المركز، بعد خروجهم، لا تتجاوز 5% من أعداد النزلاء.

هل مبعث الدهشة هو عدد الأحداث الذين يتوافدون على المركز سنوياً، أم نسبة المواطنين منهم؟ الاثنان معاً، والأهم من ذلك هو سبب ازدياد حالات انحراف الأحداث، التي عزاها مدير المركز إلى عوامل متداخلة "أبرزها التفكك الأسري النابع من احتدام الخلافات الأسرية أمام الأبناء، والشقاق المستمر أمامهم"، بالإضافة إلى "الدلال الزائد للأبناء، أو الشدة المفرطة في التعامل معهم، وعدم التوازن في ردود الفعل داخل الأسرة و( العامل الاقتصادي الذي يؤدي إلى تطلع أبناء ذوي الدخل المحدود إلى ما يمتلكه الغير).

هذه الأرقام والحقائق التي يقدمها لنا مركز أحداث واحد فقط، هو الوحيد على مستوى إمارة أبوظبي، تلفت نظرنا إلى قضية مهمة، وتضعنا أمام مواجهة حقيقية لمشكلة، ربما تبدو صغيرة اليوم، لكننا ما لم نعالجها فإن تبعاتها ستكون وخيمة علينا غداً، عندما تكبر وتتضخم وتتحول إلى قنبلة تهدد أمننا الاجتماعي، واستقرار دولتنا التي نعتبر الأمن والأمان من أكبر نعم الله عليها.

 

700 حدث يتوافدون على مركز واحد كل عام 55% منهم مواطنون.

 

رقم ربما يمر عليه البعض بعدم اكتراث، ويتهمنا بأننا من هواة التضخيم، لكنه مؤشر يدق جرس إنذار لنا، ويدعونا إلى التساؤل عن أرقام المراكز الأخرى في بقية الإمارات، كي تكون الصورة أكثر وضوحا أمامنا.

 

وأيّاً كان حجم هذه الأرقام، فالأمر بحاجة إلى تضافر جهود كل مؤسسات المجتمع من جهات أمنية وتربوية واجتماعية ودينية، لاحتواء هذه المشكلة وتقليص هذه الأعداد إلى الحد الأدنى، لأننا ندرك أن القضاء النهائي عليها مستحيل في ظل الطفرة المادية التي يشهدها مجتمعنا، والتحولات الاجتماعية التي تحدث فيه، والثقافات المختلفة التي تفد إليه مع تنوع الجنسيات، واختلاف الديانات والعادات والسلوكيات والقيم الاجتماعية، التي تختلف من بلد إلى بلد ومن عرقية إلى أخرى. ( التفكك الأسري ) ضريبة ندفعها مقابل الرفاهية التي نسعى إليها، فالكل منشغل بجمع المال، أو تحقيق الذات، أو إثبات الوجود في الوظائف التي يتقلدها· من هنا تبدأ المشاكل لتحتدم الخلافات الأسرية أمام الأبناء وتنتهي بانحرافهم انتقاماً من الأمهات والآباء أو من المجتمع كله· ثم يأتي ( الدلال الزائد للأبناء ) لتعويض الانشغال عنهم، أو( الشدة المفرطة في التعامل معهم )، نتيجة الاحتقان الذي تتعرض له بعض الأسر للظروف الصعبة التي تمر بها، نتيجة عدم تكافؤ الفرص. ويبقى "العامل الاقتصادي" حاضراً دائماً - صعوداً أو هبوطاً - تاركاً آثاره واضعاً بصماته.

هل نحن حالمون إلى الدرجة التي نطالب فيها بمجتمع خالٍ من الأحداث؟ لا بالطبع، لكننا خائفون من أن نصل إلى الوضع الذي تخرج فيه الأمور عن السيطرة.

 

 

لذلك تستفزنا مثل هذه الأرقام - مهما كان حجمها - وتدعونا إلى أخذ الحيطة والحذر، ففي بيت كل واحد منا مشروع حدث ما لم نولِ أبناءنا الاهتمام الذي يستحقونه، ونحصِّن بيوتنا ضد أمراض الطفرة المادية بشقيها الصاعد والهابط لأن كليهما ضار وخطير ومدمر.

X
تساعدنا ملفات تعريف الارتباط في تحسين تجربة موقع الويب الخاص بك. باستخدام موقعنا، أنت توافق على اسخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
ملاحظاتك
المساعد الافتراضي
qr-code
حجز موعد