افتتاحية مجلة "الشرطة"
اليوم الذيأنه لم يمر
مرّت في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر الماضي الذكرى الخامسة والعشرون لمناسبة دولية مهمة جداً، لم يسمع بها إلا القليلون، ولم يتنبه لمرورها إلا عدد أقل كثيراً·
تلك المناسبة هي اليوم العالمي للسلام، الذي أعلنته الجمعية العمومية للأمم المتحدة ذلك اليوم من العام 1981 بهدف الترويج للسلام والأمن العالميين· وكانت الجمعية العمومية واقعية في آمالها وطموحاتها، فلم تجعل من تلك المناسبة خطراً لجميع الحروب، ما سبق منها وما قد يستجد، بل اقترحت أن يتوقف إطلاق النار في أي حرب قائمة، حتى يكون الحادي والعشرون من سبتمبر يوماً هادئاً لا يلعلع فيه الرصاص، ولا يدوي انفجار القنابل وانهمار الصواريخ على رؤوس البشر·
لكننا، مثل غيرنا في أرجاء هذا العالم، لم يلاحظ منا هذه المناسبة إلا قلة· فهل السبب هو أن الناس لا يحبون السلام وليسوا معنيين به؟
السبب والله أعلم، هو أن الناس يسمعون عن السلام ولا يعرفونه، لأنهم لا يرونه ماثلاً أمامهم· فالحروب التي شهدها العالم خلال ربع القرن الماضي، منذ العام 1981، ربما تعتبر أكثر عدداً، وأشد فتكاً مما شهد العالم عموماً، اللهم إلا إذا احتسبنا الحرب العالمية الثانية·
وإذا ما تحدثنا عن أوضاع البلدان العربية والإسلامية تحديداً، فإننا نجد أنها كانت أبعد ما يكون عليه بلد عن السلام، وأنها لا تزال ضحية لخلافاتها الإقليمية والداخلية وصراعاتها الصغيرة والخطرة في الوقت ذاته، كما أنها لا تزال فريسة للأطماع الخارجية التي لا ترحم·
فقد أعلن اليوم العالمي للسلام بينما الحرب الأهلية اللبنانية دائرة، والأشقاء الفلسطينيون يعانون من بطش الاحتلال، وجنوب السودان يشتعل بحرب أهلية ضروس، والحرب العراقية ــ الإيرانية تضع المنطقة كلها في أتون يغلي· ثم تبع ذلك الغزو الإسرائيلي سنة 1982 الذي دمر لبنان ثانية، وكان منه ما كان، ولم تكن أفغانستان أسعد حالاً في ظل الاحتلال السوفييتي·
ولا نريد أن نقول إن الفلبين وتايلاند دولتان بعيدتان، إذ تعانيان من مشكلات مذهبية حادة أيضاً·
وتوقفت الحرب العراقية ــ الإيرانية بعد اشتعال الانتفاضة الفلسطينية، وإذا بكارثة غزو الكويت تحل على رؤوس الجميع، وتؤدي إلى مصيبة كبرى، وليس هذا فحسب بل ظل لبنان يشتعل حيناً ويهدأ أحيانا ليعود إلى الاشتعال·
ولا حاجة للحديث عن كوسوفو والشيشان فهما لا تخفيان على أحد·
كانت الطامة الكبرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وما تبعها من أحداث، وسيادة مبدأ >من ليس معي فهو ضدي·
وكان بعدها ما نعرفه مما حدث للعراق، الذي صار ميداناً لكل أنواع القتل والتخريب البشعة، حيث أصبح هذا البلد العزيز أشلاء ممزقة تهدد بقاءه وتهدد استقرار أشقائه·
وليست الحرب التي شهدها لبنان قبل أسابيع فقط بغائبة عن الذاكرة·
وماذا أيضاً؟
أليس العرب والمسلمون هم الموصومون اليوم بالإرهاب؟ ألسنا نعاني من عدم وجود تصنيف عالمي متفق عليه لهذه الصفة "الإرهاب"؟
أليس شعب فلسطين يذبح وتهدم بيوته